لأنه لا مردَّ لأمرِ الله ، ولا معقّبَ لحكمه، ولأن الموتَ حقٌّ، فإن المصابَ الأليمَ الذي صدم به خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز -حفظه الله- وشعبه الوفي، بوفاة سمو ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية -المغفور له بإذن الله- الأمير نايف بن عبدالعزيز بكل ما صاحبه من مشاعرالحزن العميق، لا سبيل إلى ملاقاته إلاّ بالصبر، ورفع الأكف بالدعاء إلى المولى عز وجل أن يتغمده بواسع رحمته، فقد كان مدافعًا عن الإسلام، غيورًا على عقيدته، محبًّا لوطنه، مخلصًا للشعب السعودي الوفي، كرّس حياته وجهده لبناء قلعة أمنية حصينة، أُسست على أسس راسخة من الإيمان بالله، ثم بأصالة الشعب السعودي الذي ضرب المثل الأعلى في متانة وحدته الوطنية، وولائه لدينه، ثم انتمائه لوطنه، والتمسك بثوابته وقيمه عبر العقود.
لم يكن من المستغرب أن تكون التجربة السعودية في مكافحة الإرهاب التي استطاع سموه تطويعها بكل براعة واقتدار لوأد الجماعة الإرهابية في بداية القرن الخامس عشر الهجري، ثم نجاحه اللافت في تطويرها لتشمل آفاقًا أرحب، ومجالات أوسع بعد هجمات 11 سبتمبر الإرهابية ضمن ما أصبح يُعرف بالإستراتيجية السعودية لمكافحة الإرهاب، التي تضمنت ضمن أبعادها بُعد الأمن الفكري، لم يكن من المستغرب أن تستحوذ تلك التجربة الرائدة على اهتمام دول العالم، والاستفادة منها في مواجهة تحديات الإرهاب الذي لم تعد تستثنى أي دولة في العالم من شروره.
سيظل الشعب السعودي النبيل، ومعه العالم كله يذكر دومًا أن اللوحة الأمنية الرائعة التي يراها العالم كله في موسم الحج كل عام، عندما يتجمع أكثر من ثلاثة ملايين نسمة، تحت صعيد واحد، في مساحة من الأرض لا تتجاوز بضعة كيلومترات، وفي أجواء أمنية مثالية، إنما هي -بعد توفيق الله- نتاج خطة أمنية جامعة شاملة من وضع وإشراف ومتابعة هذه العبقرية الأمنية الفذة، وأن حالة النمو والرخاء والاستقرار التي ينعم بها الوطن والمواطن هي نتيجة طبيعية للاستقرار الأمني الذي كان الأمير نايف -يرحمه الله- إحدى دعائمه الكبرى. لا يملك أبناء الوطن بكل ما يكتنفه، وتكتنفه مشاعر الحزن والأسى على فراق سموه، سوى أن يلوذ بالصبر، وأن يتقدم بأسمى آيات التعزية للمليك، والوطن، وللأمة جمعاء “إنا لله وإنا إليه راجعون”.