[CENTER]
استنكر الكاتب الصحفي الأستاذ محمد مكلبش الشراحيلي في مقاله الذي نشر بصحيفة فيفاء أون لاين مانشرته احدى الصحف المحلية يوم الثلاثاء 3 شوال 1433هـ بأنه سيتم عقد دورات تدريبية لأبناء منطقة جازان و تحديداً النازحين منهم ممن سيتم منحهم وحدات سكنية لكي يتعلموا كيف يتعاملون مع هذه المنازل الجديدة .
وتسائل الكاتب عن من يقف وراء تلك المهزلة ومن هو صاحب فكرتها العبقرية الذي يبدو أنه لايعلم ولايعرف عن تاريخ جازان وحضارتها الضاربة في أعماق التاريخ الذي تجاهلوه عمداً أوجهلوه جهلاً واعتذر في نهاية المقالة لجازان الحبيبة والنازحين تحديداً عن ماحدث لهم من تهكم صارخ فاضح .
واليكم المقال :
[COLOR=#FF001F]أبناء جازان الجهلة القادمون من أدغال الأمازون!! [/COLOR]
حضارة جازان بدأت مبكراً وتاريخها ضارب في أعماق التاريخ بشكل لا يتصوره أحد من الذين تجاهلوه عمداً أو جهلوه جهلاً.
فمنذ ما يقرب من 1100 عاماً، أي مع بداية الدولة السليمانية أو ما تعارف عليه المؤرخون المخلاف السليماني في عام 375ه، بل وقبل ذلك بكثير وتحديداً من عهد الخليفة الأموي سليمان بن عبدالملك في عام 99هـ، وجازان لها كيانها وحضارتها التي سبقت بها الكثير والكثير من من القريبين والبعيدين.
فتعاقبت على هذه المنطقة الغالية الكثير من الدول والحضارات، إلا أنها في المحصلة كانت كياناً قائماً بذاته، وكانت فيها حضارات ومراكز تعليمية كثيرة وعلى سبيل المثال لا الحصر، ضمد والسلامة وفيفاء ومخاليف حكم وعثر والشرجة، وغيرها من المراكز العلمية التي كانت مقصداً لطلب العلم والثقافة، من حدود الحديدة جنوباً وحتى حلي إبن يعقوب شمالاً وهي الحدود الأصلية السابقة لجازان.
ولست هنا بصدد التعريج على ذلك التاريخ الطويل جداً ولكن كان لزاماً علي أن ألمح إلماحة سريعة لذلك، خاصة بعد تلك المهزلة التي طالعتنا بها الصحف يوم أمس الثلاثاء 3 شوال 1433هـ، بأنه سيتم عقد دورات تدريبية لأبناء منطقة جازان تحديداً النازحين منهم ممن سيتم منحهم وحدات سكنية لكي يتعلموا كيف يتعاملون مع هذه المنازل الجديدة التي لا أعلم من هو صاحب فكرتها العبقرية.
يريدون أن يدربوا أبناء جازان النازحين على كيفية فتح المقابس الكهربائية والأفياش لتضاء لمبة في غرفة أو ممر أو حتى ساحة المنزل!! لأن الكهرباء غير ( الفانوس) الذي عاش ويعيش في جازان التي حرمت نعمة الكهرباء في كثير من مواقعها زمناً طويلاً فالفانوس بالكيروسين واللمبات بالكهرباء، يريدون أن يعلموهم كيف يجلسون على قطعتي الكنب الإسفنجية التي تم وضعها في بعض زوايا تلك الغرف الإسمنتية لأن الكنب ليس كالخوص المصنوع من الطفي الذي كان يفترشه أولئك النازحون في عرصات و( طراحات ) بيوتهم المهترئة سابقاً!!، وليتعلموا كيف يشعلون النار في المطبخ عن طريق هذا الاختراع العجيب المسمى الغاز فحاله يختلف كلياً عن ( الميفى والتنور)، ثم ليتعلم أولئك النازحون ( أصحاب المصرفة والمهفة) كيف تتم عملية تشغيل تلك المكينة المدهشة التي تخرج هواءً بارداً من الجدار بضغطة زر وتسمى المكيف، وختاماً ليعلموهم كيف يجلسون على طاولة طعام ذات كراسي جلدية وربما بلاستيكية محيطة بها يجلس عليها الناس ويأكلون عليها!!!
ولست أعلم ماذا سيتم أيضاً تدريبهم عليه في هذه الدورة النادرة في تاريخ الأمم والحضارات فلربما تتم إضافة بعض المقررات في هذه الدورة مثل التفريق بين دورة المياه وكيفية استعمال شطاف وسيفون الماء والتفريق بين دورة المياه والمطبخ ، وبين غرفة النوم الرئيسية وبين غرف الأبناء حتى لا يختلط الحابل بالنابل وينام الأبناء في غرف الآباء والعكس كذلك، علاوة على التمييز بين ساحة الدار وبين غرفة الجلوس فبينهما فرق كبير يجب معرفته!!
إنها قمة المهازل ولا شك .. أن نصل في جازان إلى هذا المستوى من الاستخفاف بنا وبعقولناً.. وبأبنائنا وآبائنا وأمهاتنا وبتاريخنا.
إنها ولا شك قمة الاحتقار والاستهانة بنا وبمكانتنا ونحن الذين احتضنا ونشرنا الأدب والشعر والثقافة والعلم، يوم أن كان الكثير يغرق في الجهل والظلمات والكل يدرك هذا ولا نزكي أنفسنا.
ألا يدرك من اتخذ عقد هذه الدورات بأن جل إن لم يكن كل النازحين يعرفون كل تلك الوسائل الحديثة، ألا يدرك أصحاب هذا القرار الاستفزازي بأن الكثير أو هم الأغلبية من النازحين كانوا يعيشون في بيوت وفلل يتوفر فيها ما هو أفضل من هذه الوحدات السكنية!!
فليذهب أولئك إلى الخشل، إلى الخوبة ، إلى الخوجرة إلى المصفق، إلى الكثير من تلك القرى التي نزح أبناؤها أو سيتم تهجيرهم منها ليروا نماذج من تلك المنازل الفارهة التي يعيش فيها الكثير من أولئك النازحين، مع عدم الإنكار بأن هناك البعض ممن يسكنون بيوتاً وغرفاً ولكنهم لا يجهلون أي شئ من تلك التجهيزات.
أين عقول هؤلاء الذين سينفذون تلك الدورات، ألا يستحي من سيأتي ليقف أمام أناس متعلمين منهم المعلم والضابط والقاضي والموظف والمدير والشيخ والمحاضر في الجامع.. وغيرهم ليخبرهم كيف يشعلوا الفرن أو يكبسوا زر إنارة لمبة في الجدار.!!
إلى أين وصلنا في جازان من الاستخفاف بنا، وهل خرجنا من قلب غابات الأمازون قبل عام أو عامين أو حتى أقل من ذلك أو أكثر، هل كنا في أدغال مدغشقر أو على ضفاف بحيرات موزمبيق فلا نعرف من ذلك شيئاً!!
إني أدرك أن قرار تنفيذ هذه الدورة التدريبية سقطة كبيرة اقترحها أحد المسئولين فوافقه القائمون المنفذون والمشرفون على هذه الوحدات السكنية وأصحاب القرار ، وأظنه لزاماً على أن يتم الاعتذار عن ذلك لأبناء جازان، فما حدث لا تبرير له إلا أننا في جازان جهلة لا نعرف شيئاً من كل ما ذكرته سابقاً ، ونحن الذين ضرب تاريخنا في أعماق الزمن أكثر من 1100 عام على الأقل.
تنويه: سيأتي تبرير لهذه الدورة وربما سيتم تغيير وتحوير المحتوى لها بعد هذا المقال، وبعد ردة فعل أبناء جازان، ولكن سبق السيف العذل، فكلنا قد وصله علم هذه الدورة ومضمونها.
اعتذار: لجازان الحبيبة، وللنازحين تحديداً، منكم الاعتذار أهلي وأحبتي فوالله وتالله إنكم تستحقون الاعتذار فما حدث تهكم صارخ فاضح بكم، لكن ما عسانا نقول سوى حسبنا الله ونعم الوكيل، في زمن كثرت فيه هذه العبارة التي تعكس حالنا.[/CENTER]